ظاهرة الانبجار والفرق بينها وبين الانفجار

في هذا المقال، سنستكشف الانفجار والانبجار ونقارن بينهما لفهم الفروق الرئيسية بينهما وأهميتهما في مجالات مختلفة من العلوم والتكنولوجيا، وسوف نناقش العمليات الأساسية لكل منهما، وتأثيراتهما على البيئة والمجتمع، بالإضافة إلى الاستخدامات المختلفة التي يمكن أن تنطوي عليها كل منهما في مجالات مثل الطاقة، والدفاع، والصناعة، والعلوم الفلكية.

ما هي ظاهرة الانبجار؟

الانبجار هو عملية تدمير يتم فيها سحق الأجسام أو ضغطها على أنفسها، على عكس الانفجار، يقلل الانبجار من الحجم المحتل ويركز المادة والطاقة، ويمكن أن يحدث الانبجار في سياقات مختلفة، مثل: الهندسة الميكانيكية، والنووية، وديناميكا السوائل، وعلم الفلك. بعض الأمثلة على الانبجار هي:

• أنبوب فراغي أو خزان كيروسين ينهار بسبب ضغط الهواء الخارجي.
• غواصة تتعرض للضغط وتتحطم تحت ضغط الماء في أعماق كبيرة.
• تصميم سلاح نووي يستخدم شحنات متفجرة لضغط كرة من المواد الانشطارية للوصول إلى الكتلة الحرجة.
• فقاعة التكوين تنهار في سائل بسبب الضغط المحيطي.
• نجم ضخم ينهار تحت جاذبيته الذاتية ويصبح سوبرنوفا، أو نجم نيوتروني، أو ثقباً أسوداً.

الفرق بين الانبجار والانفجار

الفرق بين الانبجار والانفجار يكمن في عملياتهم الأساسية وتأثيراتهم، فالانبجار يشمل حركة تدميرية داخلية للمادة، غالباً ما يكون ناتجاً عن قوى أو ضغط خارجي، بينما الانفجار هو إطلاق سريع للطاقة نحو الخارج، مما يؤدي إلى تشتت المواد من نقطة مركزية.

ما هي العملية الأساسية للانبجار؟

العملية الأساسية للانبجار هي الحركة الداخلية المتمثلة في انهيار المادة نحو الداخل، وغالباً ما يكون ينتج عن قوى خارجية أو ضغط.

وذلك يقلل من الحجم المحتل ويُركز المادة والطاقة، ويمكن الاستفادة من الانبجار لضغط النوى الصلبة أو الأغلفة الفارغة من المواد المنشطة بالانشطار، أو لانهيار النجوم الضخمة تحت جاذبيتها الذاتية.

ما هي العملية الأساسية للانفجار؟

العملية الأساسية للانفجار هي الإطلاق السريع للطاقة نحو الخارج، مما يؤدي إلى تشتت المواد من نقطة مركزية، ويمكن أن يكون ذلك ناتجاً عن عوامل مختلفة، مثل التفاعلات الكيميائية، أو الانشطار النووي أو الاندماج النووي، أو حوادث الاصطدام، أو الظواهر الفلكية.

الغواصة التي انبجرت

غواصة تيتان كانت غواصة تشغلها شركة أوشن جيت، شركة خاصة تقدم رحلات استكشافية إلى حطام السفن، بما في ذلك تيتانيك ففي 18 يونيو 2023، حدث لغواصة تيتان انبجار أثناء غوصها إلى حطام سفينة تيتانيك، مما أسفر عن مقتل جميع الركاب الخمسة على متنها.

حيث تسبب الانبجار في تعطيل غطاء الضغط، الذي كان مصنوعاً من ألياف الكربون بدلاً من المعدن، اكتشفت البحرية الأمريكية توقيعاً صوتياً متماشياً مع انبجار عند الوقت الذي فقدت فيه الغواصة الاتصال.

وقد أدت عملية البحث والإنقاذ إلى العثور على حقل حطام يحتوي على أجزاء من غواصة تيتان، على بعد حوالي 500 متر من مقدمة التيتانيك.

ولم يحدد السبب الدقيق لانبجار الغواصة تيتان لكن، تشير نظرية واحدة إلى أن الضغط المائي الهائل أدى إلى انهيار هيكل الغواصة تيتان، يقول الخبراء إن السفينة تعرضت لضغط يعادل وزن برج إيفل. تخيل أن يكون برج إيفل العظيم جالساً عليك! ربما تسبب الضغط الهائل في انهيار الغواصة تيتان.

ولتحمل الضغوطات الهائلة، تُشيد السفن تحت الماء عادةً من معدن قوي مثل التيتانيوم ويعطى لها شكل كروي، لتوزيع الضغط الهائل بالتساوي حول حجرة الركاب، ولكن الشركة المصنعة لتيتان اختارت شكلاً اسطوانياً واستخدمت ألياف الكربون للمرة الأولى.

وتعد غواصة تيتان أول سفينة أعماق مصنوعة من ألياف الكربون، لكن الفهم المحدود لقدرة هذه المادة على تحمل الضغوط الكبيرة في أعماق المحيط جعل تصميم هيكل آمن باستخدامها تحدياً كبيراً.

وقد يكون هذا القصور في المعرفة قد أدى إلى التغاضي عن العيوب المحتملة في المادة أثناء استخدامها في بيئة تحت الماء.

الأشخاص الذين فقدوا في حادثة انبجار الغواصة تيتان

الأشخاص الخمسة الذين فقدوا في غواصة تيتان التي انبجرت في ٢٠٢٣ هم:

• ستوكتون راش: مؤسس ورئيس شركة أوشن جيت إكسبيديشنز التي تدير الغواصة، وهو مهندس وطيار سابق.
• هاميش هاردينغ: رجل أعمال ومستكشف بريطاني، وهو حائز على عدة أرقام قياسية في الغوص والفضاء.
• شاه زاده داوود وابنه سليمان: رجل أعمال بريطاني من أصل باكستاني، ونائب رئيس مجموعة إنغرو الصناعية، وابنه الطالب في جامعة كامبريدج.
• بول هنري نارجوليت: خبير بحري فرنسي وضابط سابق في البحرية الفرنسية، وهو متخصص في حطام تيتانيك وزاره 35 مرة.

ما العمق التي يمكن أن تصل إليه الغواصة؟

عمق الغواصات يعتمد على عدة عوامل، مثل مواد الغلاف، والغرض من التصميم، والعمق التجريبي، فالعمق التجريبي هو أقصى عمق يتم التصريح به للغواصة على العمل فيه، وعادة ما يكون جزءاً من العمق التصميمي، وهو الحد النظري لقوة الهيكل الخارجي.

وتختلف قدرات الغواصات في العمق حسب الاستخدام المقصود والبنية الإنشائية، على سبيل المثال، بعض أعمق الغواصات هي:

1. فئة USS Seawolf

وهي غواصة هجومية نووية تابعة للبحرية الأمريكية، والتي يقال إن عمقها التجريبي 490 متراً (1600 قدم) وعمق التصميم 730 متراً (2400 قدم).

2. فئة Type 212

وهي غواصة هجومية ديزل- كهربائية تابعة للبحريتين الألمانية والإيطالية، والتي يُقال إن عمقها التجريبي 400 متراً (1312 قدم) وعمق التصميم 700 متراً (2296 قدم).

3. غواصة Bathyscaphe Trieste

هي غواصة بحثية وصلت إلى أعمق نقطة في المحيط، الهاوية التحدي، عند 10,911 مترا (35,797 قدم) في عام 1960.

كيف يعمل السلاح النووي؟

السلاح النووي هو جهاز متفجر يستخدم تفاعلات نووية لإنتاج كمية هائلة من الطاقة والدمار، هناك نوعان رئيسيان من الأسلحة النووية: القنابل الانشطارية والقنابل الاندماجية.

1. القنبلة الانشطارية

تعمل هذه القنبلة عن طريق تقسيم أنوية الذرات الثقيلة، مثل اليورانيوم أو البلوتونيوم، إلى ذرات أخف وتحرير الطاقة والنيوترونات في العملية، ويمكن للنيوترونات تحفيز تفاعلات انشطار إضافية، مما يخلق رد فعل تسلسلي يفرج عن كمية هائلة من الطاقة في جزء من الثانية.

2. القنبلة الاندماجية

آلية عمل هذه القنبلة هي عبارة عن دمج أنوية الذرات الخفيفة، مثل الهيدروجين، في ذرات أثقل، مثل الهيليوم، وتحرير الطاقة والنيوترونات في العملية، يتطلب رد فعل الاندماج درجة حرارة وضغطاً عاليين للغاية، والتي يتم تحقيقها باستخدام قنبلة انشطارية كمشغل.

ويمكن للقنبلة الاندماجية أن تطلق المزيد من الطاقة حتى من القنبلة الانشطارية، ويمكن أيضاً استخدام النيوترونات لتسبب مزيد من تفاعلات الانشطار في طبقة محيطية من المواد النووية، مما يخلق سلاحاً ثرمونووكلياً.

أهمية الانبجار في العلم

الانبجار هو ظاهرة هامة في العلوم لأنه يمكن استخدامها لإنشاء أو دراسة ظروف متطرفة للمادة والطاقة، مثل في الأسلحة النووية ومفاعلات الاندماج وعلم الفلك.

ويمكن أن يساعد الانبجار أيضاً في فهم تأثيرات الضغط والقوة على مواد وهياكل مختلفة، مثل في الهندسة وديناميكا السوائل واستكشاف البحار.

الانبجار في الفضاء

قد يبدو الانبجار ظاهرة مظلمة ومأساوية للغاية، وفي معظم الحالات، هي كذلك، ومع ذلك، فإنه يحمل أهمية كبيرة في الفضاء، جميع النجوم التي نراها في السماء يبدو أن لديها حياة لا نهاية لها، ولكن لديها ذلك ليس صحيحاً.

وعند نهاية حياتها، تنفجر معظم النجوم في عملية تسمى السوبرنوفا، لكن بعض النجوم الأثقل تميل إلى الانبجار (بدلاً من الانفجار) عندما تصل إلى نهاية حياتها، يتوقف الجزء الأعمق من النجم الكبير عن الاحتراق وينهار بسرعة على نفسه.

وبعد ذلك، تشكل النجوم الضخمة للغاية ثقباً أسوداً، هذه الانبجارات الفلكية مهمة وضرورية لإعادة تدوير الكون المستمرة، دونها لن يكون هناك تشكيل نجوم جديدة.

أمثلة على الانبجار الفلكي

من أبرز أمثلة الانفجارات الفلكية انهيار الجاذبية لنجم ضخم، والذي قد ينتج عنه تشكّل سوبرنوفا، نجم نيوتروني، أو ثقب أسود، ويحدث هذا الانهيار عندما يستنفد النجم وقوده النووي، فيفقد قدرته على مقاومة قوة جاذبيته الذاتية.

ويؤدي ذلك إلى انهيار نواة النجم، مما يطلق كميات هائلة من الطاقة والمادة في الفضاء، تعتمد النتيجة النهائية لهذا الانهيار على كتلة النجم، ويمكن أن تشمل:

• السوبرنوفا: انفجار هائل يقذف معظم مادة النجم إلى الفضاء، تاركاً وراءه بقايا كثيفة.
• النجم النيوتروني: جسم شديد الكثافة يتكون أساساً من النيوترونات، يتميز بمجال مغناطيسي قوي ودوران سريع للغاية.
• الثقب الأسود: منطقة ذات جاذبية قوية للغاية تمنع حتى الضوء من الهروب منها.

في الختام

يتضح أن الانفجار والانبجار عمليتان متعاكستان، لكل منهما آلية وأثر مميز، الانفجار يتميز بإطلاق الطاقة بشكل سريع نحو الخارج، بينما يتسم الانبجار بانهيار المادة داخلياً نحو مركزها، مما يؤدي إلى تركيز المادة والطاقة.

ومن ظواهر السوبرنوفا وانهيار النجوم الضخمة في الكون إلى انبجارات الغواصات في أعماق البحار، تكشف لنا هذه العمليات عن دورها الكبير في تشكيل بنية الكون ودورة حياته.

فالانفجارات الكونية المذهلة، مثل السوبرنوفا، والانفجارات النووية المؤثرة على سطح الأرض، تمثل نهاية نجمية عظيمة وبداية لمرحلة جديدة من التطور الكوني والتكوين الفلكي، بينما تشكل مأساة على الصعيد الأرضي.

تاريخنا العلمي والتقني يعكس الاستخدامات المتنوعة لكل من الانفجار والانبجار، بدءاً من تطوير الأسلحة النووية وتكنولوجيا الفضاء، وصولاً إلى تعزيز البحث العلمي في مجالات الفيزياء وعلم الفلك.